وقد عرفت " نزوى " ازدهارا تجاريا واقتصاديا وعمرانيا كبيرا وكانت أسواقها فى تلك الفترة أكبر وانشط أسواق عمان ، وعلى الصعيد العمراني فان أبرز ماشهدته تلك الفترة هو بناء قلعة نزوى الشهيرة والمعروفة بالشهباء والتي استغرق بناؤها اثنتى عشرة سنة ويقال ان الإمام مول بناء هذه القلعة من غنائم موقعة شهيرة دارت بينه وبين البرتغاليين ، عرفت بـ " موقعة ديو"- سناتي على ذكر هذه القلعة الشهيرة لاحقا في هذا الموضوع .
وشهدت نزوى في تلك المرحلة شق العديد من الأفلاج أهمها كما يذكر الشيخ السالمي " فلح البركة " الذي يربط بينما نيابة " بركة الموز" التابعة لـ "نزوى " وبين ولاية إزكي المتاخمة .
الشهباء : معمار الوعي الوطني " الشهباء" هو اللقب الذي أطلق على قلعة " نزوى "، أبرز وأهم شاهد على عراقة تاريخ هذه المدينة واهمية دورها في التاريخ العماني وليس معروفا على وجه الدقة من أطلق عليها هذا اللقب . غير أن الكثير من المؤرخين وغيرهم يرجحون انه صاحب فكرة بنائها الإمام سلطان بن سيف .
ان القلاع والحصون هي انبثاق مبكر لهندسة الفكر العسكري العمانى، وهناك بين كثير من المؤرخين والباحثين العرب والأجانب خطا شافي بأن القلاع والحصون في عمان بناها البرتغاليون ، كما يرى ذلك الباحث الكويتي "د. خالد ناصر الوسمي " ، والحقيقة المعروفة انه لاتوجد في جميع انحاء عمان سهوى ثلاث قلاع بناها البرتغاليون جميعها في مسقط ومطرح (قلعة الميراني وقلعة الجلالي وقلعة مطرح ). وتعد القلاع والحصون من أعظم الآثار المعمارلة العمانية. وتتوزع هذه الآثار بين مبان ضخمة، مثل قلعة نزوى وقلعة الرستاق ، وبين حصون (شبه بقصور محصنة مثل حصن الحزم وحصن جبرين . وهنالك على اتساع رقعة البلاد تنتشر القلاع والحصون الأصغر حجما الى جانب الأبراج التي لاتكاد تخلو منها مدينة أوقرية في السلطنة.
" الشهباء" دون أدنى شك هي أكبر وأكثر القلاع العمانية حصانة وضخامة ومتانة .
شيدت هذه القلعة كما سلف فى زمن سلطان بن سيف وقد استغرق بناؤها اثتتى عشرة سنة ، ما يعني ضخامة هشا البناء والجهد الكبير الذي تطليه والذي استغرقه .
والقلعة في ظاهرها أو كما تبدو للعيان بناء بسيط للغاية يتكون من برج دائري كنير يبلغ ارتفاعه عن سطح الأرض 24 مترا ويصل قطره الخارجي الى 42 مترا اما قطره الداخلي فيبلغ 29 مترا وقد استخدم ما مقداره 17925 مترا مكعبا من الأتربة والحجارة في ردم القلعة حتي ارتفاع 15 مترا اما كمية الحجارة المستخدمة في بنائها فتقدر بما يصل الى 3177 مترا مكعبا والداخل الى القلعة عليه ان يسلك سلما ضيقا مظلما مبنيا بالتواء, على هيئة حرف (ح )، وعند كل انعطافة من انعطافات هذا السلم يوجد باب صغير لعرقة أي هجوم محتمل من الأعداء، وتوجد اعلى هذه المنعطفات ( ثقوب اوفتحات قاتلة ) تلقى منها القذائف على المهاجمين ، أو يسكب منها على رؤسهم ماء ساخن.
ويوجد في القلعة35 فتحة عل منسوب 24 مترا من سطح الأرض ، هي نوافذ أو مرائي ، تستخدم للدفاع في وقف الحروب . وتوجد 130 فتحة أخرى على منسوب 24 مترا لنفس الإستخدام ، وتوجد بها سبعة أبار للمياه ومنصة القلعة ذات شكل دائري تقريبا وبها فتحات للمدافع تضمن إطلاق النار وانتشارها على 360 درجة كاملة، وترتفع الجدران فوقى المنصة الى عشرة أمتار.
ان هذه القلعة الهامة كما يقول الباحث (د. أي . دريكو ) في دراسة له عن " المباني الحربية في عمان "، تمثل ل" الحد الأقصى للتوسع في نمط القلاع العمانية بين عامي ( 1660 - 1670 م ) ويبدو انها حصينة الي يومنا هذا ).
انها كفا ذكرنا ابدع واعظم صور تجليات الفن المعماري والفكر العسكري / الإستراتيجي في عمان ، أو كما يصفها الشيخ سالم بن حمود السيابي ( هي قلعة عظيمة البناء، متينة الشكل فخمة الهيئة، في بطنها سبعة أبواب لارتقائها، على كل باب فتح يدخل الضوء منه ، ويشرق عليه ا كمرصد له ولايتهادى لدخولها الا من سبقت له معرفة بطريقها، اذ يجد نفسه في قبة مظلمة، او صندوق مغلق يندهش من روعتها الرائي ) .
وقلعة نزوى التي مشهى على بنائها مايزيد على 504من السنين هي اليوم وجه نزوى وواجهتها البارزة وقبلة زوارها، وقد قامت وزارة التراث القومي والثقافة بترميمها وتوجيهها وجهة ثقاثية وسياحية للدارسين والزائرين ، فضلا عن كونها وجها تاريخيا هاما.
تراث إسلامي
تنفرد نزوى ال جانب ما تتفرد به عن مدن عمان وولاياتها مما سبق ذكره ، بكونها خزانة كبيرة لتراث هائل من المعمار الإسلامي المتمثل في مساجدها وجوامعها والتي يعود تاريخ بعضها الى العهد الأول للإسلام مثل جامع "الشواذنة " الذي بني في السنة الثامنة للهجرة . والمتمثل ايضا في الحصون والأبراج التي تتخلل قراها وأوديتها وجبالها.
ونحن هنا أمام هذا الكم الهائل من الآثار النزوية ليس بمقدور هذه الكتابة للإسباب التي ذكرناها أول الكلام أن تعطي قراءات وافية عن هذه الآثار، وحسبنا الآن تعريفات لبعض هذه الشواهد الأثرية :
الجوامع والساجد
- جامع الشواذنة :
تنسب تسميته الى بانيه الشيخ عيسى بن شاذان وبناؤه قائم في حارة تسمى ( العقر ) ويعده النزويون اقدم أو من أقدم الجوامع في سدينتهم ، ويقال انه أول مسجد بني فيها، اذ كان بناؤه في السنة الثامنة للهجرة النبوية ، وتدلل النقوش الموجودة على جدرانه انه اعيد ترميمه في السنة السابعة بعد المائة للهجرة .
في هذا الجامع ، كما تقول الروايات التاريخية ، قرئت رسالة النبي محمد (سر) الى ملكي عمان في تلك الفترة عبد وجيفي ابني الجلندى، بعد فض ختمها في صح - جامع سعال :
يعتبر ثاني جامع في نزوى بعد الشواذنة ويقال انه بني ايضا في السنة الثامنة للهجرة . و الجامع قائم في مكان يسمى سعال ، وسط حارة باتت تعرف به ، حارة الجامع وقد رمم هذا الجامع للمرة الأول في زمن الإمام الصلت بن مالك .
- جامع نزوى (جامع السلطان قابوس ):
يعد من اكبر الجوامع في نزوى ويقع في مركز المدينة ملاصقا للقلعة والحصن ، ويعد هذا الجامع ، قديما وحديثا، دوحة نزوى العلمية وجامعتها، وقد تخرج منه جل علمائها ومثقفيها، وقد جدد واعيد بناؤه في العصر الحديث كما هو الحال في الجوامع والمساجد الأخرى، ويعرف اليوم يجامع السلطان قابوس ، وفيه يقوم اليوم معهد للعلوم الإسلاميه
- مسجد الشرجة :
يقوم بناؤه في منطقة سعال وهو من المساجد القديمة ، تزين محرابه نقوش غاية في
الدقة والجمال ، وتؤشر الكتابات الموجودة على المحراب انه بني في سنة سبعمائة وسبعة وعشرين هجرية .
-مسجد الشيخ :
ينسب بناؤه ال الشيخ العالم بشير بن المنذر احد العلماء الكبار الذين نقلوا علوم الدين والعقيدة من البصرة الى عمان . ويروى ان هذا المسجد الذي يقوم في حارة العقر بني في زمن الإمام الجلندى بن مسعود.
-مسجد الشرع :
يقع في منطقة نتوف ، وهي من مناطق نزوى الأثرية والسياحية الهامة ، ويقال ان هذا المسجد تم بناؤه في الدولة النبها نية الأول ، في زمن عمر بن نبهان . وقد كتب على احد جدرانه انه بني في سنة 337هـ، وفيه تم تنصيب الإمام سالم بن راشد الخروصي سنة 1331 هـ.
اضافة الى هذه المساجد هنالك عدد من المساجد الصغيرة المنتشرة على سفوح الجبال تسمى مساجد العباد أو النسان . وهي مبنية على الأغلب من غرفة واحدة ، وساحة صغيرة مسقوفة للصلاة في ايام الحر الشديد . وهذه المساجد اماكن خاصة وبعيدة اختارها العباد والمتصوفون للتنسك والتعبد الدائم بعيدا عن ملذات الحياة .
الحصون
-حصن نزوى :
قديما كان هذا الحصن هو المركز الإداري والسياسي للمدينة ، وحتى السابع الأول من سبعينات هذا القرن كان مقر الوالى والمكان الذي يلتقي فيا المواطنون لمناقشة قضاياهم وحسم خلافاتهم واليوم واحياء للتقاليد القديمة يستعيد هذا الحصن دوره الإداري يوما واحدا في الإسبوع حيث يباشر فيه الوالي اعمال الولاية ويلتقي فيا المواطنون ، يناقشون قضاياهم ويحسمون خلافاتهم تماما كما كان في الماضي.
يروى ان هذا الحصن بنى في زمن الإمام الصلت بن مالك الخروصي عام 225هـ وهناك رواية أخرى تقول انه بني قبل الصلت باثنتي عشرة سنة .
ويقع الحصن في مركز المدينة ملاصقا لقلعة نزوي، أو على الأصح جاءت القلعة ملاصقة للحمن ذلك ان تاريخ الحصن سابق لتاريخ القلعة .
- بيت الصلت :
أحد الحصون القديمة في نزوى يقوم بناؤه في مكان يسمى ( علاية نزوي )، ويتكون بنيانه من ثلاثة طوابق محاطة بسور منيع وبرجين من جميع الجهات .وباني هذا الحصن هو الشيخ "محمد بن عبدالله الكندي".
- حصن نتوف :
يقع على سفح الجبل الأخضر بمنطقة نتوف التي يحمل اسمها، وجاء بناؤه كما يبدو لأغراض عسكرية في المقام الأول اذ يحتل موقعا استراتيجيا من حيث تحكما في مدخل الجبن الأخضر، وهو حصن فسيح تحيط به ثلاثة بروج ويحكى أن بانيه هو الشيح محمد بن سلط النبهاني.
-حصن الرويدة :
يقع هذا الحصن في برتحة الموز ويخترقه فلج البركة ويعتبر موقعا استراتيجيا مهما من حيث تحكما ء مدخل الوادي المؤدي الى الجبل الأخضر.ومؤسس هذا الحصن هو محمد بن الإمام أحمد بن سعيد.
معظم الحضارات الكبرى التي عرفتها الإنسانية عل اتساع تاريخها نشأت وازدهرت على السواحل ، قرب البحار والمحيطات ، لضمان استمرارية الحياة وتطورها وانفتاحها على غيرها من الحضارات والتجمعات البشرية . ومعظم هذه الحضارات تجنبت على الدوام سكنى الأرض الجبلية والصحر واية ، لصعوبتها وموامتها وجفافها.
غير ان ثمة حضارات أخرى قدر لها ان تقوم على أراض جبلية أو صحراوية ، متحملة مشقة صنع حياة بشروطها وبدائلها على ارض اقل ما يمكن ان توصف به انها صعبة ومستحيلة ، ومن بين هذه الحضارات ، حضارة الإنسان العماني التي كان لجزء مهم منها ان ينشأ.فوق ارض مسيجة بالجبال ، فعمان كماهر معلوم تحتوي عل نحو ربه الخط الساحلي لشبه الجزيرة العربية ، والذي يزيد طوله عن ( 4000) ميل ، ومع ذلك فان حياة الغالبية من العمانيين لم تقم عل هذا الساحل الطويل وانما في الداخل ، في مناطق جبلية وصحراوية ( المنطقة الداخلية ومنطقة الظاهرة واجزاء كبيرة من المنطقة الشرقية )، وأصعب هذه المناطق الثلاث على الإطلاق واشدها صرامة هي المتنة الداخلية والتي قلبها نزوى.
كيف أسست نزوى حضارة تحت ثقل بافض من الجبال ، وكيف استطاع هذا الإنسان النن وي ان يوجد حياة قادرة على النمو والتفاعل والعطاء، وان يخلف هذا الوجود الإنساني المبكر في مكان بالصعوبة التي ذكرنا، هذا الكم الهائل من الأحداث والبطولات والمعارف ؟
تلك امسلة اردناها مدخلا لموضوع ، يشكل في عمومه تجربة عمانية صرفة لاتحاكها تجربة في مكان او قطر أخر إلا في ما ندر، وهي تجربة "شق وبناء الأ فلاج "، كك العملية المدهشة التي استاطاع العمانيون بفضل تمكنهم منها وتطويرها على مر العصور من صناعة وصياغة حياة كاملة وناجزة بشروطها وبدائلها في المكان الأصعب تماما.
وفي نزوى كما في نميرها من المدن العمانية المشابهة كانت الأ فلاج هي مفتاح الحياة وهندسة البقاء والنمو، وكان أول ماباشره الإنسان حال استوطانه هذا المكان ، أو ما كان يجب ان يبدأ به حياته ، هو شق الأنط ج عبر إيجاد قنوات وممرات للمياه المحزونة في باطن الجبال ، ولهذه العملية هندسة دقيقة وشاقة عني بدراستها، دراسة علمية حديثة ، كثير من الباحثين الأجانب .
وفي هذه المدينة يوجد أكبر فلج في عمان كلها الى جانب عدد كبير من الأفلاج ، وهذا الفلج الكبير والشهير، يسمى فلج "دارس"، وتسمية الفلج تعود، حسب الرواية الشعبية في "نزوى" الى ان اربعين شخصا ماتوا غرقا عند شقة ، أي أن هذا الفلج قد لان"درس" أربعين رجلا مرة واحدة يروي "دارس " مساحة كبيرة من نزوى.
ويصل تصريفه المائي الي ( 55 لترا مكعبا ) وترتوي مته قرابة مائة ألف نخلة الى جانب مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية يتكون " فلج دارس " من رافدين " ساعدين " ، الأول يطلق عليه الرافد أو الساعد الكبير ويبلغ طوله ( 1700 متر) وسمي بالرافد الكبير لأنه الأكثر غزارة. أما الرافد، أو الساعد، الآخر فيسمى الصغير لأنه الأقل غزارة، ويصل طوله تحو ( 1900 مترا)- وفي لتزوى يوجد عدد كبير من الأفلاج منها فلج " الخطمين" و "الغنتق " ، " ضوت " ، " ابو رؤابة " ، " السعالى" "الخوي "، " الدنين " ، "العين " وغيرها من الأفلاج التي بحثت عن الحياة في باطن الجبال وبعثتها.
ان هندسة الأفلاج العمانية هي بجملة واحدة، هندسة الحياة في المكان الأكثر صعوبة وقسوة على الحياة.
الوجه الأقل صرامة
" الحياة هي في مكان آخر"، بحسب الكاتب "ميلان كونديرا" .
وفي نزوى ثمة حياة في مكان أخر. حياة خارج المسجد والقلعة والحصن والمعركة والكتاب ، حياة، هي با لأحري الوجة الآخر الأقل صرامة للحياة، انها المرتبطة بالمهارات البشرية، الفردية والجماعية، من صناعات وفنون تقليدية تشتهر نزوى بعدد كبير من الصناعات والحرف التقليدية، بعضها مرتبط بالمهنة الرئيسية للنزويين، وهى الزراعة ، وبعضها الآخر بما يعاد تركيبه وتصنيعه محليا ومن هذه الصناعات .
- صناعة البسر ( التسبسيل )، وهي صناعة موسمية مرتبطة بنوع من بلح النخيل ويسمى " المبسلي " حيث يؤخذ بلح هذه النخلة ويغلى في "مراجل " كبيرة ، ثم يجفف يسوق كنوع من "الحلويات " غير مضاف اليه اي مركب أخر،ويصبح سلعة هامة نحير انها لا تسوق محليا، وتتركز اسواقها في شبه القارة الهندية وكان يبلغ انتاج نزوى من هذه السلعة في العقود السابقة الى ألف طن )
- الحلوى العمانية :
تعتبر نزوى اشهر مدينة عمانية في صناعة وانتاج الحلوى العمانية . وهي نوع من الحلوى تصنع من النشا والقمح والسكر الأحمر الذي ينتج محليا والسمن البلدي مضافا اليه الهيل والزعفران
- تقطير ماء الورد :
الورد الذي يعرفه العالم باقات تزين الغرف والشرفات
الورد الذي يعرفه العالم باقات تزين الغرف والشرفات في نزوى . في الجبل الأخضر تحديدا، يزرعونه بكثرة، هنالك مساحات كاملة من الآراضي مزروعة بالورد ولكن ليس لمنشره الجميل أو شذى عبيره ، وانما لتصنعيه وتحويله الى سائل وسلعة ثمينة تدخل في استخدامات كثرة وهذه العملية التي تسمى "تقطير ماء الورد"، عملية صعبة ومعقدة للغاية ، غير أن النزويين يجيدونها إجادة تامة ومن الصناعات والحرف التقليدية التي يمارسها النزويون ، صناعة السكر، وصناعة القطن ، وصناعة " النيل " وهومادة تستخرج من شجرة تسمى "العظلم " حيث يجمع ويحشى وينقع في أوعية فخارية تسمى " الخوابي " وبمعادلات ومعاملات خاصة تنتج مادة تسمى " النيل " وتستخدم في تخضيب الملابس والنسائية منها علي وجه الخصوص.
ومن الصناعات الأخرى، صناعة النحاس وصناعة الذهب والفضة والنسيج ودباغة الجلود اما فيما يتعلق بالفنون التقليدية فان نزوي على أية حال لا تستل ، كفا هي في أمور كثيرة، مكان الصدارة بين المدن العمانية ففي حقل الفنون الشعبية ئ بما كانت نزوى تحتل مركزا متأخرا ، كما هو حال غالبية مدن الداخل العماني ، ولمناخ وجغرافية الداخل دور أساسي في ذلك ومن الفنون الشعبية التي تشتهر بها نزوى، فن " القصافية " وهو " رزحة " سريعة الإيقاع يقوم بها الشباب تمهيدا لرزحة الكبار وهي نوع من المبارزة أو المبادالات الشعرية القصيرة بين فريقين يحكي اغراضا وموضوعات مختلفة من الغزل الى الهجاء، وهذه " القصافية " الصغيرة لما لاتستمر طويلا حيث يخلي الشباب الساحة للكبار في " القصافية الكبير" التي لأتختلف عن سابقتها إلا في طول زمنها كفا تعرف نزوي فنونا شمعبية أخرى مثل " الطوق طوق " الذي يقام في منتصف شهر رمضان ، " والتهلول " الذي يقام فى أولى شهر ذي الحجة، وفن " التبسيل " الذي ليصاحب عملية صناعة التبسيل.
المكان في مجمله ، في ظواهره وبواطنه هو مجموعة من البشر، تأتي وتذهب ، تبني وتهدم لتبني تنتظم دوما هذه المجموعة، أو (لمجموعات من البشر حول عنصر، خيط واحد ناعم ولكنه متين، هو التبدل والتغير.
الثبات في حقيقة التاريخ وحتي في حقيقة الأسطورة يعنى الموت والفناء. وتبدل الإنسان وتغيره ليس موتا وليس فناء، وإن بدا الموت الحقيقة الأكثر وضوحا ويقينيه في حياة ألإنسان ، غير أنه ليعس موتا جذريا للإنسان وإنما هو فحسب سقوط ورقات من شجرة عظيمة هي البشرية التي تبرعم على الدوام أغصانا وورقات جديدة.
هذا التبدل والتغير الدائمان والحتميان في حياة البشرية هو في المقابل تبدل وتغير هائلين في " حياة " المكان تتناسل الأمكنة ايضا كما تتناسل البشرية ، وتشتخ الأمكنة كما يشبخ الإنسان. غير ان شيخوخة الأمكنة يمكن " تشبيبها"، إعادة الشباب اليها، وهذا تماما ما حدث لنزوى، فننروى اليوم لمن يراها يخالها مدينة " شابة "، مدينة جديدة، لكنه شباب وقور، شباب حافظ على ملامح " القدامة " التي كانت. ففي نزوى الآن (الآن الذي عمره تحديدا اربعة وعشرينسنة) يتجاور القديم والجسيد ويتاخ يان في مشهد يحفظ للقديم "قدامته وأثريته وتاريخيته " وللجديد اشراقته وابتسامته وصرامته ايضا التى لا تجعله مختلفا في المشهد العام للمدينة، عمرانا وإنسانا ان نزوى القسيمة تلك المدينة وإذا ما أخذنا ببعض فرضيات "كمال الصليبي " فإن تاريخها يعود الى العام 350 قبل الميلاد، هي اليوم مدينة حديثة تماما حداثة لم تنتقص ولم تؤثر في وجهها الحضاري الضارب والموغل قي القدم . بل ان وجهها الشيم حي كما كان في أيامه الأولى مع وجود ضروري وحتمي لشروط ومتطلبات الحياة المعاصرة. فقلعتها " الشهباء" التي يزيد عمرها على 504من السنوات هي اليوم ، وكما لو أن كل هذه (لسنوات لم تؤثر ولجما تغير فيها" وفي حقيقة الأمر ان للسنوات تأثيرها الكبير على هذه القلعة وعل غيرها من آثار المدينة وعلى المدينة نفسها، اسواقها، حواريها وازقتها واسوارها ، لو لم يجدد شبابها وتعاد لها الحياة، عبر إهتمام حكومي با رز بمدينة نزوى وتراثها وتا ريخها والتي تكرس وتعرف في حكمان ، وعبر الخطاب الإعلامي والثقافي العماني بمدينة " التاريخ والتراث " ، وقد تجلى هذا الإهتمام على مدى السنوات الماضية في إنجاز الكثير من المشروعات علي أصعدت الحياة المختلفة والتي كان على ألف القائمة تاريخها وأثارها ويتجلى الإهتمام بهذه المدينة ويبرز أكثر خلال هنا العام ، وهو العام الذي يحمل شعارا ومضمونا ثقافيا كبيرا، والذي سمي انطلاقا من توجه وطني كبير بــ " عام التراث العماني " الذي أعلنه حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم رائد نهضة عمان الحديثة في توجهه العميق لاحياء التراث العماني كففصل أساسي في صياغة المشروع الحضاري للبلاد. وقد أختيرت نزوى لمكانتها التي تعرفنا على بعض منها حاضنة لإبرز برامج وفعاليات واحتفالات هذا العام والتي ستتزامن في نوفمبر المقبل واحتفالات البلاد بالعمد الوطني الرابع والعشرين المجيد. إن أكثر ما أخذته في حسبانها هذه الكتابة عن مدينة هي ، في الأصل ، ذاكرة الذاكرة العمانية هو تلك المقولة الشائعة لدى أغلب المؤرخين العمانيين ، وهي أن نزوى " أعرف من ان تعرف".
ونقول قي الم لأخير أننا حاولنا تعريف ما لايعرف ووصف مالايوصف وإن هذه المدينة بإختصار وبجملة واحدة ذهب المكان وفضته ، وذهابه بالحياة الى أقصاها.
وفاته:
في عام سبعمائة وسبعين من الهجرة (770هـ) توفي ابن بطوطة في مدينة فاس بالمغرب بعد أن جاب البلاد مشارقها ومغاربها.