يتركّب الجلد من طبقتين ملتصقتين هما : البشرة والأدمة ، ويوجد تحت الأدمة النسيج الخلوي تحت الجلد .
②أعضاء الحس في الجلد هي : جسيمات مايسنر وتقوم بحس اللمس ، جسيمات باشيني وتقوم بحس الضغط ، جسيمات روفيني وتقوم بحس الحرارة ، بصلات كراوس وتقوم بحس البرودة ، نهايات عارية وتقوم بحس الألم ، المغازل العصبية العضلية مع جسيمات روفيني وتقومان بحس الوضعية .
③طبقات الجلد من بشرة وأدمة تكون غنية وأكثر تعصيبا بمستقبلات حس اللمس والضغط والحرارة والبرودة والألم ، أما طبقة النسيج الخلوي تحت الجلد فتكون أكثر تعصيباً بمستقبلات حس الوضعية والضغط ، ولذلك يشعر الإنسان بذروة الألم أثناء حقنه بإبرة عندما تجتاز الإبرة الجلد ومتى تجاوزت الجلد إلى غيره من الأنسجة خفّ الألم .
④عندما يتعرّض الإنسان للنار وتسبب له الحرق فإنه يشعر بألم شديدٍ جدا ، والسبب في ذلك تنبـّه مستقبلات الألم والحرارة الكائنة في الجلد ، ولكن الحرق تخفّ شدّته إذا امتدّ إلى النسيج الخلوي تحت الجلد لقلة غناه بمستقبلات الألم والحرارة .
⑤إذا أضفنا لذلك أنّ النار أشد المنبهات الألمية على الإطلاق وأنّ الجلد أكثر العناصر إحساساً بالألم علمنا أنّ الآية قد قرنت أشد المنبهات الألمية مع أكثر الأعضاء إحساساً بالألم .
و عليه تقرّر الآية بأنّ العذاب له صلة بالجلد ، و أنّ الإحساس بالعذاب يأتي من الجلد ، وذلك لوجود مراكز الإحساس بالألم في الجلد ، وليس صحيحا ما كان يُقال بأنّ المخ هو مركز الإحساس بالألم .
كانت النظرية السائدة تقول إنّ الإحساس بالألم موجود في المخ ، ولكنّه أصبح واضحا ومحققاً أنّ مركز الإحساس بالألم موجود في الجلد ، و ما دور المخ إلا كوسيط تنتقل إليه أحاسيس الألم فيفسرها ويصدر أوامره الحركية لمنع استمرارها والوقاية منها .
لقد سبق القرآن أن قرّر و منذ قرون أنّ مركز الإحساس بالألم موجود في الجلد وليس في أي مكان آخر من الجسم ﴿ إنّ في ذلك لآيات لقومٍ يؤمنون ﴾ [ الأنعام : 99 ] .
وإن دلائل الوحي في القرآن الكريم متعددة الوجوه وتختص بحديثه الجامع الفريد السامي الأغراض الداعي لكل فضيلة والناهي عن كل رزيلة والمحكم البيان الموافق للحق في كل نبأ, وفي جملة من روائع المشاهد التصويرية يجسد القرآن حال المكابرين أمام الآيات الناطقة بالحق كاشفا ستر حقائق علمية حبلت بها الأيام أدخرت لذوي النظر الباحثين عن الحق.
والجلد هو أكبر عضو في الجسم, وإذا عاينا قطاعا مجهريا في الجلد سنجد أن أهم تكويناته هي: الغدد العرقية وتقوم بإفراز العرق ليلطف درجة الحرارة عند إرتفاعها, والنهايات العصبية وتقوم بنقل الأحاسيس إلى المخ, والعضلة الناصبة للشعرة وتتقلص في بعض الأحوال مثل البرد والخشية والوجل والهلع والفزع والمفاجآت, ولا يتوقع قبل اكتشاف المجهر في القرن السابع عشر أن يتضمن أي مصدر الحديث تصريحا أو تلميحا عن تلك التكوينات المجهرية, ولكن القرآن الكريم منذ القرن السابع الميلادي خلال مهمته الأولى في لفت الانتباه إلى مصير الإنسان والإنذار بيوم الحساب يعرض لها مبينا وظائفها في بساطة بلا تكلف وفي تلطف لا يلفت عن الغرض وعمق أغوار بعيدة لا تفوت المحققين عند اكتشاف الحقيقة, ويحافظ على تمايز المكونات في الترتيب وفق مكانتها وأهميتها نظمًا ويتفق مع الحقيقة الخفية وصفًا؛ ناهيك عن بلاغة تجسد المعنويات بحسيات ترسخ المضمون في الأذهان وروائع تصويرية في البيان توقظ الشعور وتهز الوجدان, فضلاً عن استيعاب مجموع القرآن الكريم لكل تلك التكوينات قبل أن تشاهدها عين بينة تشهد بنزوله بعلم الله القدير علام الغيوب
الرئيسية 
