جهاز الإستخبارات العماني
كتب هذا التقرير M.G. Dennison وDale F. Eickelman . وكان دنيسون قد دخل أجهزة الإستخبارات البريطانية في العام 1946، وعمل في أجهزة إستخبارات سلطنة عُمان من 1954 إلى 1983. وخلال هذه المدة، فإنه شغل منصب "مدير الإستخبارات" العُمانية- من 1970 إلى 1972- ثم منصب "المستشار الخاص للسلطان للشؤون الأمنية" بين 1972 و1983.
*
احتفلت سلطنة عُمان، في نوفمبر 1992، بالعيد الوطني الذي صادق ذكرى مرور 22 عاماً على وصول السلطان قابوس بن سعيد إلى السلطنة في إنقلاب شبه سلمي على والده، في 23 يوليو 1970. وصادف هذا التاريخ مناسبة أخرى لم يعلم بها سوى موظّفو جهاز الأمن وكبار المسؤولين: تعيين أول عُماني على رأس "جهاز الأمن الداخلي". فمنذ تأسيس هذا الجهاز في يونيو 1959، وحتى نوفممبر 1992، كان كبار مسؤوليه يتألّفون من ضباط بريطانيين متعاقدين شخصياً مع السلطنة أو من ضبّاط "مُعارين" من "الإستخبارات العسكرية" البريطانية، أو من "إستخبارات الطيران" (Special Air Forces= SAF) البريطانية، أو من جهاز "إم أي 6" (= الإستخبارات الخارجية) البريطاني. وكان رحيل آخر مدير إستخبارات بريطاني "مُعار" بمثابة إعلان عن إنحصار الدور البريطاني، بعد الآن، في شؤون التدريب، وفي قضايا فنّية متخصّصة.
وكانت عملية إضفاء الطابع العُماني على جهاز الأمن الداخلي مستمرة منذ 10 سنوات، مع أنها تأخّرت كثيراً بالمقارنة مع جلاء عناصر الجيش والشرطة البريطانيين. وظاهريا، فقد اعتبر ضباط الإستخبارات البريطانيون الذين غادروا عُمان في 1992 أن التغيير يقتصر على العاملين، أي أن الهيكلية الرسمية، والمسؤوليات الرسميةن في الجهاز تظلّ على حالها.
وحتى كتابة هذا المقال (في ربيع 1994)، فإن جهاز الأمن الداخلي العُماني لم يشهد أي تدهور في مستواه وقد علّق مسؤول عُماني رفيع المستوى بأن العُمانيين المطّلعين يعتبرون جهاز الإستخبارات بمثابة جهاز "أجنبي" لأنه- بعكس أجهزة الأمن المحلية في عدد من الدول المجاورة- لم تُنسَب إليه سوى حفنة من التصرّفات "الشاذة". وقد حدثت التصرّفات الشاذة في فترة 1970-1972، حينما تعرّض رجل أعمال عُماني ومواطنون آخرون لأشكال "خفيفة" من المضايقة، بينها تحطيم سيّارات، وتهديدات ليلية بالهاتف. ونسب الضحايا هذه الأفعال إلى ضابط أردني "متعاقد". وتوقّفت هذه الحوادث حينما قام أحد الضحايا بالإحتجاج لدى مسؤول أمني، بريطاني الجنسية، رفيع المستوى.
أجهزة أمنية متعدّدة
يمثّل جهاز الأمن الداخلي (ISS) في عُمان واحداُ من عدد من الأجهزة الأمنية التي تتداخل صلاحياتها جزئياً. وهذه الأجهزة تشمل:
1- "مكتب القصر"، الذي يتولّى بالدرجة الأولى العلاقات مع أجهزة الإستخبارات الأجنبية، والمهمات الخارجية- مع أنه يقوم، كذلك، ببعض نشاطات التحقيقات المحلية المحدودة.
2- وحدة "قوات خاصة" صغيرة (تشكّل جزءاً من "مكتب القصر").
3- "الإستخبارات العسكرية".
4- "قسم التحقيقات الجنائية" في "شرطة عُمان الملكية".
5- (ومن 1972 إلى 1982): "مكتب مسشتار صاحب الجلالة السلطان لشؤون الأمن القومي".
6- (ومن 1954 إلى 1982): نشاط "إستخباري" كبير كانت تقوم به بصورة خاصة شركة النفط الرئيسية في عُمان، وهي "بتروليوم دفلوبمنت- عُمان". وفي فترات مثل ثورة "الجبل الأخضر" في 1957-58، كان "ضباط شؤون العمّال" في الشركة يتعاونون تعاوناً وثيقاً مع جهاز إستخبارات الطيران البريطاني (SAF)، مع أنهم سعوا لاحقاً لتخفيف هذه العلاقة. وفي أعقاب إكتشاف النفط في العام 64، وبدء تصديره في العام 67، تدخّل المدير العام للشركة لدى السلطان مباشرةً لإقناعه باتباع سياسات تؤمّن الإستقرار للبلاد. ولكن القدرات الإستخبارية للشركة ألغيت بعد العام 1971.
جدير بالذكر أن "جهاز الأمن الداخلي" نفسه تعرّض لعمليات إعادة تنظيم بين حين وآخر. ويحرص الكاتبان على إظهار "خصوصية" جهاز الأمن العُماني بالمقارنة مع أجهزة الإستخبارات الرئيسية في العالم الثالث. ويقولان أنه "مع أن جهاز الإستخبارات قام بدراسة كل طلبات التوظيف، والترقيات في الدوائر الحكومية في السعبينات، فهو لم يمارس وظيفة "الإكراه" إلا في حالات نادرة جدّاً. "بل إن العمانيين المثقّفين، في أواخر السبعينات كانوا يطلقون على جهاز الأمن (وكان إسمه، آنذاك، "دائرة الأبحاث العُاني –Omani Research Department- تسمية "الجامعة" لأنه اشتهر بصفته عيون الحكومة وآذانها وبسبب الحرية التي يتمتّع بها ضبّاطه بالنسبة لكتابة تقاريرهم، وتحليل الأوضاع، والتعليق على التطوّرات السياسية.